عودة التقلبات إلى الساحة
الأسواق الأمريكية تغلق على انخفاض طفيف مع بحث المستثمرين عن إشارات اقتصادية
أغلقت الأسواق الأمريكية على انخفاض طفيف يوم الخميس بعد جلسة متقلبة شهدت مكاسب وخسائر. كان المستثمرون يحاولون فهم أحدث البيانات الاقتصادية الكلية ونبرة بيان الاحتياطي الفيدرالي، الذي كان مليئًا بالقلق بشأن الحواجز التجارية.
تزايد الحذر في السوق
تدهورت الحالة المزاجية في وول ستريت بشكل ملحوظ في الأسابيع الأخيرة، وسط سلسلة من البيانات التي تشير إلى تباطؤ محتمل في النمو الاقتصادي وتراجع في تفاؤل المستهلكين. كل هذا يحدث في ظل مواجهة تجارية مستمرة نشأت بعد أن فرضت واشنطن تعريفات جديدة كرد فعل.
آمال في تخفيف السياسة
على الرغم من ذلك، ارتفعت الأسهم في ثلاث من الجلسات الأربع السابقة. كان الارتفاع قويًا بشكل خاص يوم الأربعاء، حيث ارتفع مؤشر S&P 500 بأكثر من 1% بعد أن أبقى الاحتياطي الفيدرالي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير. كما أكد المنظم نيته خفض الفائدة مرتين قبل نهاية العام، كل مرة بنسبة 0.25%، بما يتماشى مع توقعاته قبل ثلاثة أشهر.
كما أشار البنك المركزي في خطابه إلى أنه يتوقع نموًا اقتصاديًا أضعف، وارتفاعًا مؤقتًا على الأقل في التضخم. وهذا يترك مجالًا للمناورة في السياسة النقدية.
أرقام اليوم
أنهت المؤشرات الرئيسية اليوم في المنطقة الحمراء.
- انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 11.31 نقطة، أو 0.03%، ليغلق عند 41,953.32؛
- فقد مؤشر S&P 500 12.40 نقطة، أو 0.22%، ليغلق عند 5,662.89؛
- انخفض مؤشر ناسداك المركب بمقدار 59.16 نقطة، أو 0.33%، ليغلق عند 17,691.63.
أجراس الإنذار: سوق العمل والمعايير الاقتصادية
أعطت أحدث البيانات من سوق العمل الأمريكي المستثمرين شيئًا للتفكير فيه: زاد عدد طلبات إعانة البطالة الأولية قليلاً الأسبوع الماضي. على الرغم من أن الزيادة ليست كبيرة، إلا أنها عند دمجها مع عوامل أخرى — مثل تخفيضات الإنفاق الحكومي، وارتفاع تكاليف الاقتراض، والاضطرابات السياسية — ترسم صورة قاتمة.
في الوقت نفسه، أفاد مجلس المؤتمر بانخفاض في مؤشره للمؤشرات الاقتصادية الرائدة: انخفض المؤشر بنسبة 0.3% في فبراير بعد انخفاضه بنسبة 0.2% في يناير. هذا هو الشهر الثاني على التوالي الذي يتحرك فيه المؤشر نحو الانخفاض، مما يشير إلى تباطؤ محتمل في النمو.
توقعات الفائدة: الرهان على الانخفاض
السوق يعتمد بشكل متزايد على الاحتياطي الفيدرالي لتخفيف السياسة النقدية هذا العام. وفقًا لمنصة LSEG، تشير التوقعات الحالية إلى خفض سعر الفائدة بمقدار 63 نقطة أساس بحلول عام 2025، مع احتمال بنسبة 71% لأول خفض بمقدار 25 نقطة أساس في يونيو.
تفصيل القطاع: التكنولوجيا تتعثر، والنفط ينتعش
من بين 11 قطاعًا رئيسيًا في مؤشر S&P 500، كانت التكنولوجيا الأكثر ضعفًا. دخل مؤشر الصناعة في المنطقة السلبية، مما وضع أكبر ضغط على السوق بأكمله. في الوقت نفسه، أظهرت شركات الطاقة نموًا: قفزت أسعار النفط بنسبة تقارب 2% بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة ضد إيران. هذه الإجراءات زادت من المخاوف بشأن الإمدادات، مما أدى إلى زيادة في أسعار الذهب الأسود.
قصص فردية: من Olive Garden إلى Accenture
على الرغم من التوتر العام، كان هناك مجال للمفاجآت السارة في القطاع المؤسسي. ارتفعت أسهم Darden Restaurants، التي تدير سلسلة Olive Garden، بشكل حاد - بنسبة +5.77% في يوم واحد. السبب هو النظرة المتفائلة للشركة، حيث أشارت إلى أن التعريفات التجارية لن يكون لها تأثير كبير على أعمالها.
كان يومًا مختلفًا بالنسبة لـ Accenture. انخفضت أسهم عملاق الاستشارات بنسبة 7.26%، وهو أكبر انخفاض في يوم واحد خلال عام. قالت الشركة إن جهود إدارة ترامب لخفض الإنفاق الفيدرالي أدت إلى انهيار عدة عقود حكومية، مما أثر على إيراداتها وتوقعاتها.
شعاع من الأمل: سوق الإسكان يدعم التفاؤل
كانت البيانات الاقتصادية الكلية الجديدة من الولايات المتحدة مختلطة، لكنها أعطت الأسواق سببًا للتفاؤل الحذر. ظل عدد طلبات إعانة البطالة دون تغيير تقريبًا، مما يشير إلى استقرار في سوق العمل. ومع ذلك، كانت المفاجأة غير المتوقعة هي النمو في مبيعات المنازل القائمة، التي تجاوزت توقعات المحللين وبددت مؤقتًا المخاوف من تباطؤ اقتصادي وشيك، على الرغم من التوقعات الاقتصادية الحذرة والمخفضة التي أصدرها الاحتياطي الفيدرالي في اليوم السابق.
متابعة الاحتياطي الفيدرالي: بنك إنجلترا يتصرف بحذر
بعد قرار الاحتياطي الفيدرالي بالإبقاء على الفائدة دون تغيير، اتخذ بنك إنجلترا خطوة مماثلة. ومع ذلك، على الرغم من التوقف عن رفع الفائدة، سارع المنظم البريطاني إلى التحذير: لا ينبغي توقع خفض الفائدة في أي وقت قريب. في مواجهة عدم اليقين الاقتصادي المتزايد، يفضل البنك المركزي البقاء مرنًا وعدم التسرع في اتخاذ تدابير جذرية.
أوروبا على أعصابها، لكنها قلقة
وسط الاضطرابات العالمية، اختار كل من البنوك المركزية الأوروبية استراتيجيتها الخاصة. خفض البنك الوطني السويسري بشكل غير متوقع سعر الفائدة إلى ما يقرب من الصفر، بينما اعترف بأن سياسة التجارة الأمريكية تسبب قلقًا متزايدًا.
من ناحية أخرى، اختار البنك المركزي السويدي نهج الانتظار والترقب، مع الحفاظ على الأسعار الحالية والتأكيد على نيته التصرف بمرونة استجابة للتحديات الخارجية.
لكن تركيا اتخذت إجراءً صارمًا وفوريًا: في ظل انخفاض حاد في قيمة الليرة بسبب الأزمة السياسية بعد اعتقال الخصم الرئيسي للرئيس أردوغان، زاد المنظم بشكل حاد سعر الفائدة الليلي إلى 46% لاحتواء الذعر في العملة.
البصمة العالمية: الأسواق تحت الضغط
استجابت الأسواق المالية الأوروبية لموجة قرارات البنوك المركزية بانخفاض ملحوظ. يتحدث المنظمون في جميع أنحاء القارة عن درجة عالية من عدم اليقين، ويزداد الضغط على المستثمرين بسبب احتمال نشوب حرب تجارية عالمية جديدة.
- انخفض مؤشر MSCI العالمي بمقدار 1.84 نقطة، أو 0.22%، ليصل إلى 843.53؛
- انخفض مؤشر STOXX 600 الأوروبي بنسبة 0.43%، مما يعكس التشاؤم المتزايد؛
- فقد مؤشر FTSEurofirst 300 الأوسع نطاقًا 9.08 نقطة، أو 0.41%، أيضًا في المنطقة الحمراء.
الأسواق الناشئة تحت الضغط
شعر الانخفاض بالمؤشرات الرئيسية للأسواق الناشئة، حيث انخفض مؤشر MSCI للأسواق الناشئة بمقدار 3.16 نقطة، أو 0.28%، ليصل إلى 1,140.13.
في الوقت نفسه، انتهى أوسع مؤشر للأسهم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ (باستثناء اليابان) أيضًا في المنطقة الحمراء، بانخفاض 0.14%، ليغلق عند 593.12.
لم يفلت السوق الياباني أيضًا من الانخفاض: فقد مؤشر نيكاي 225 بمقدار 93.54 نقطة، أو 0.25%، منهياً يوم التداول عند 37,751.88. يزداد الضغط على السوق بسبب المخاوف المحلية بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي والمخاطر العالمية، بما في ذلك تقلبات العملة وعدم الاستقرار الجيوسياسي المتزايد.
تقلبات العملة
تعززت العملة الأمريكية وسط توقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي ليس في عجلة من أمره للتحرك نحو تخفيف السياسة النقدية. برود تصريحات الاحتياطي الفيدرالي توقعات المستثمرين بشأن خفض الفائدة الوشيك، واستجاب الدولار فورًا بالنمو.
ارتفع مؤشر الدولار، الذي يتتبع ديناميكيات "العملة الخضراء" مقابل ست عملات رئيسية، بنسبة 0.41%، ليصل إلى 103.80. في المقابل، انخفض اليورو بنسبة 0.44% وتداول عند 1.0853 دولار.
كما ارتفع الدولار قليلاً مقابل الين الياباني، بنسبة 0.06% ليصل إلى 148.77.
السندات تحت السيطرة
أظهر سوق سندات الخزانة الأمريكية في البداية انخفاضًا، لكن العوائد بدأت في تقليص انخفاضها في النصف الثاني من الجلسة. تبنى المشاركون في السوق موقف الانتظار والترقب: عدم اليقين بشأن النمو الاقتصادي المستقبلي، إلى جانب السياسة النقدية، يجعل المستثمرين حذرين عند وضع رأس المال في الأوراق المالية الحكومية.
النفط مدفوع بالجيوسياسة
ارتفعت أسعار النفط العالمية مرة أخرى. تم تحفيز النمو بعاملين في آن واحد: فرض عقوبات أمريكية جديدة تتعلق بإيران وزيادة التوترات في الشرق الأوسط. عادت تهديدات الانقطاعات في إمدادات الطاقة إلى الواجهة مرة أخرى، وقد أثرت هذه العوامل فورًا على الأسعار.
يراهن المستثمرون بشكل متزايد على سيناريو تصبح فيه المخاطر السياسية المحرك الرئيسي لسوق السلع، خاصة في ظل الظروف التي تظل فيها المؤشرات الأساسية تحت الضغط.
تعزز النفط الخام الأمريكي WTI بنسبة 1.64%، ليصل إلى 68.26 دولارًا للبرميل. في الوقت نفسه، أضاف المعيار العالمي الرائد، برنت بحر الشمال، 1.72%، منهياً جلسة التداول عند 72.00 دولارًا للبرميل.
تم دعم سوق السلع من خلال تصاعد التوترات في الشرق الأوسط والعقوبات الأمريكية الجديدة ضد إيران. زادت هذه العوامل من مخاوف المستثمرين بشأن استقرار الإمدادات، وأي انقطاعات محتملة تنعكس فورًا في نمو الأسعار.
المعادن الثمينة تعطي إشارة
بعد قفزة مثيرة للإعجاب، حيث أعادت الذهب كتابة أقصى حد تاريخي لها، تراجعت الأسعار قليلاً. قام المستثمرون بجني الأرباح جزئيًا، مما تسبب في تصحيح تقني. ومع ذلك، يظل الدعم الأساسي للذهب قويًا.
انخفض الذهب الفوري بنسبة 0.07%، ليصل إلى 3,044.90 دولارًا للأونصة، بينما نمت العقود الآجلة للذهب الأمريكي، على العكس، بنسبة 0.15%، لتصل إلى 3,040.60 دولارًا للأونصة.
هناك العديد من العوامل التي تدعم النمو المستقبلي: الموقف الناعم للاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة المستقبلية، وزيادة الاضطرابات الجيوسياسية، والطلب المتزايد على الملاذ الآمن يجعل الذهب أصلًا جذابًا للمستثمرين الذين يسعون لحماية رأس المال.